تفسير الآيات القرآنية التي جاء في لفظ (الوجه) في حق الله تعالى والرد على شبه التجسيم

تفسير آية أو آيات كريمة
أضف رد جديد
الباحث المفكر
مشاركات: 108
اشترك في: الأربعاء سبتمبر 03, 2025 8:02 pm

تفسير الآيات القرآنية التي جاء في لفظ (الوجه) في حق الله تعالى والرد على شبه التجسيم

مشاركة بواسطة الباحث المفكر »

تفسير الآيات القرآنية التي جاء في لفظ (الوجه) في حق الله تعالى والرد على شبه التجسيم

من كتاب (تأسيس التقديس)

احتجوا على إثباته لله تعالى بالآيات والأخبار: أما الآيات فكثيرة :
أحدها: قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ *وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}الرحمن:26-27.
قالوا: وامتنع أن يكون وجه الرب هو الرب، ويدل عليه وجهان: الأول: أنه تعالى أضاف الوجه إلى نفسه. وإضافة الشيء إلى نفسه: ممتنعة. والثاني: أنه لو كان ذو الجلال صفة للرب لوجب أن يقال ذي الجلال، لأن صفة المجرور مجرورة.
وثانيتها: قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} القصص: 88.
وثالثتها: قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف: 28.
ورابعتها: قوله تعالى: {وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الأنعام: 52.
وخامستها: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} البقرة: 115.
وسادستها: قوله تعالى: {يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} الروم: 38.
وسابعتها: قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} الروم: 39.
وثامنتها: قوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} الإنسان: 9.
وتاسعتها: قوله تعالى : {إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} الليل: 20.

وأما الأخبار فكثيرة: الأول: ما روى ابن خزيمة عن جابر قال: لما نزل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} الأنعام: 65، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((أعوذ بوجهك))، ثم قال: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ثم قال عليه السلام: ((أعوذ بوجهك)). ثم قال: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}، قال عليه السلام: ((هاتان أهون وأيسر))(1).
الثاني: روى عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خير لي وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي. اللهم أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق والعدل في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الفقر والغِنَـى، وأسألك نعيـماً لا يبيد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك بَرْدَ العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة. اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين))(2).
الثالث: قال عليه السلام: ((مَنْ صام يوماً في سبيل الله ابتغاء وجه الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً))(3).
الرابع: عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَنِ استعاذكم بالله فأعيذوه ومن سألكم بوجه الله فأعطوه))(4).
الخامس: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَثَلُ المجاهد في سبيل الله ابتغاء وجه الله مثل القائم المصلي حتى يرجع من جهاده))(5).
السادس: قال عبد الله: قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قسماً فقال رجل: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله. فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له، فاحمرَّ وجهه حتى وددت أني لم أخبره. فقال: ((رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر))(6).
السابع: عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن المسلم إذا دخل في صلاته أقبل الله إليه بوجهه، ولا ينصرف عنه حتى ينصرف عنه، أو يحدث حدثاً))(7).
الثامن: عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا أن يقول لبني إسرائيل: إذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا، فإن الله يقبل بوجهه إلى وجه عبده))(8).
التاسع: الحديث المشهور وهو أنه عليه السلام قال في قوله تعــالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} يونس: 26، قال: ((هي النظر إلى وجه الله))(9).
وقال أيضاً: ((جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى وجه ربهم في جنة عدن إلا رداء الكبرياء على وجهه))(10).
العاشر: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه وسلم أنه قال: ((المرأة عورة. فإذا خرجت استشرفها الشيطان. وأقرب ما تكون من وجه ربها. إذا كانت في قعر بيتها))(11).

واعلم أنه لا يمكن أن يكون الوجه المذكور في هذه الآيات وهذه الأخبار هو الوجه بمعنى العضو والجارحة. ويدل عليه وجوه:
الأول: قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} القصص: 88. وذلك لأنه لو كان الوجه هو العضو المخصوص لزم أن يفنى جميع الجسد والبدن وأن تفنى العين التي على الوجه، وأن لا يبقى إلا مجرد الوجه. وقد التزم بعض حمقى المشبهة ذلك ! وهو جهل عظيم.
الثاني: أن قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} الرحمن: 27، ظاهره يقتضي وصـف الوجه بالجلال والإكرام، ومعلوم أن الموصوف بالجلال والإكرام هو الله تعالى وذلك يقتضي أن يكون الوجه كناية عن الذات.
الثالث: قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}البقرة:115، وليس المراد من الوجه ههنا هو العضو المخصوص، فإنا ندرك بالحس أن العضو المسمى بالوجه غير موجود في جميع جوانب العالم. وأيضاً: فلو حصل ذلك العضو في جميع الجوانب لزم حصول الجسم الواحد دفعة واحدة في أمكنة كثيرة، وذلك لا يقوله عاقل.
الرابع: إن قوله تعالى: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الأنعام: 52، والكهف: 28، وقوله: {إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} الليل: 20، لا يمكن حمل شيء منهما على الظاهر، لأن وجهه تعالى على مذهب الخصم قديم أزلي، والقديم الأزلي لا يراد. لأن الشيء الذي يراد: معناه أنه يراد حصوله ودخوله في الوجود، وذلك في حق القديم الأزلي محال، وأيضاً: فهؤلاء كانوا يعبدون الله تعالى وما كانوا يريدون وجه الله كيف كان، وأنه لو كان غضبان عليهم فهم لا يريدونه، بل إنما يريدون منه كونه راضياً عنهم، وذلك يدل على أنه ليس المراد من الوجه في هذه الآيات نفس الجارحة المخصوصة، بل المراد منه شيء آخر و هو كونه تعالى راضياً عنهم.
الخامس: الخبر الذي رويناه، وهو قوله عليه السلام: ((أقرب ما تكون المرأة من وجه ربها إذا كانت في قعر بيتها))، ومعلوم: إنه لو كان المراد من الوجه: العضو المخصوص والجارحة، لم يختلف الحال في القرب والبعد بسبب أن تكون في بيتها أو لم تكن، أما إذا حملنا الوجه على الرضا استقام ذلك. فثبت بهذه الدلائل أنه لا يمكن أن يكون الوجه المذكور في هذه الآيات والأخبار بمعنى العضو والجارحة.

إذا عرفت هذا، فنقول: لفظ الوجه قد يجعل كناية عن الذات تارة، وعن الرضى أخرى. أما الأول: فنقول: السبب في وجوب جعل الوجه كناية عن الذات وجوه: الأول: إن المرئي من الإنسان في أكثر الأوقات ليس إلا وجهه، وبوجهه يتميز ذلك الإنسان عن غيره، فالوجه كأنه العضو الذي به يتحقق وجود ذلك الإنسان وبه يعرف كونه موجوداً، ولما كان الأمر كذلك لا جرم حَسُنَ جعل الوجه اسماً لكل الذات. ومما يقوي ذلك: أن القوم إذا كان معهم إنسان يرتّب أحوالهم ويقوم بإصلاح أمورهم سمي وجه القوم ووجيههم. والسبب فيه ما ذكرنا.
الثاني: أن المقصود من الإنسان ظهور آثار عقله وحسه وفهمه وفكره، ومعلوم أن معدن هذه الأحوال هو الرأس، ومظهر آثار هذه القوى هو الوجه. ولما كان معظم المقصود من خلق الإنسان إنما يظهر في الوجه، لا جرم حسن إطلاق اسم الوجه على كل الذات.
الثالث: أن الوجه مخصوص بمزيد الحسن واللطافة والتركيب العجيب والتأليف الغريب، وكل ما في القلب من الأحوال فإنه يظهر على الوجه، فلما امتاز الوجه عن سائر الأعضاء بهذه الخواص لا جرم حَسُن إطلاق لفظ الوجه على كل الذات. وأما بيان السبب في جواز جعل لفظ الوجه كناية عن الرضى: فهو أن الإنسان إذا مال قلبه إلى الشيء أقبل بوجهه عليه، وإذا كره شيئاً أعرض بوجهه عنه، فلما كان إقبال الإنسان بوجهه عليه من لوازم كونه مائلاً إليه محباً له، لا جرم حَسُن جعل لفظ الوجه كناية عن الرضى.

إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: أما قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} القصص: 88، وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} الرحمن: 27، فالمراد منه: الذات. والمقصود من ذكر الوجه: التأكيد والمبالغة. فإنه يقال: وجه هذا الأمر كذا وكذا، ووجه هذا الدليل هو كذا وكذا، والمراد منه هو نفس ذلك الشيء ونفس ذلك الدليل. فكذا هذا.

وأما قوله تعالى: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} البقرة: 115، وقوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} الإنسان: 9، وقوله تعالى: {إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} الليل: 20، فالمراد من الكل رضى الله تعالى. وهكذا القول في تلك الأحاديث. وبالله التوفيق.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية والمراجع:
(1) رواه البخاري (4628) من حديث جابر بن عبد الله ولم يروه مسلم. وفي بعض طرقه ليس فيه ذكر الوجه عند الترمذي (3066) وأحمد (1/170) و (5/134) وتمام في فوائده (1149) وهو حسن وله طرق كثيرة، مع أن ذكر الوجه غير مستنكر هنا لأن معناه الذات أو نحوها من معاني التنزيه.
(2) مضطرب لا يصح بهذا السياق. رواه ابن حبان (5/304)، والنسائي في الصغرى (1305) والكبرى (1/387) وابن أبي عاصم (425) والحاكم (1/524) وغيرهم من طرق، ولا يثبت فيه لفظ (ولذة النظر إلى وجهك) لعدة أسباب، منها: أن بعض من رواه ذكر فيه هذه اللفظة وبعضهم لم يذكرها، فقد رواه ابن أبي شيبة (6/45/29348) بإسناد صحيح -وليس فيه هذه اللفظة- عَن مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ عَمَّارٍ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِك عَلَى الْخَلْقِ أَنْ تُحْيِيَنِي مَا عَلِمْت الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي مَا عَلِمْت الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي, اللَّهُمَّ أَسْأَلُك خَشْيَتَك فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ, وَأَسْأَلُك الْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ, وَأَسْأَلُك الْعَدْلَ فِي الرِّضَاءِ وَالْغَضَبِ, اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيَّ لِقَاءَك وَشَوْقًا إلَيْك فِي غَيْرِ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، وَلاَ ضَرَّاء مَضَرَّةٍ). ومن أسباب عدم ثبوته: أن أحد رواته وهو عفان يرويه تارة عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب وتارة عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب وكله عند البيهقي في "الأسماء والصفات" (226و243)، وعطاء بن السائب اختلط وروايات حماد بن سلمة عنه زمن الاختلاط فهي ليست من صحيح حديثه، والسند الآخر عند النسائي (1305) يرويه أبو هاشم يحيى بن دينار الرُّمَّاني عن أبي مِجْلَز لاحِقُ بن حُمَيْد السدوسي وقد اضطرب فيه ودلَّس هنا أبو مِجْلَز فأسقط شيخه في السند وهو قيس بن عباد مع أنه ثقة! فقد رواه أحمد (4/264) عن أبي مِجْلَز عن سيدنا عمَّار ولم يذكر في مسنده قيس بن عباد! وقال البزار في مسنده (4/229): ((ولا نعلم روى قيس بن عباد عن عمار إلا هذا الحديث)). وأبو مِجْلَز مضطرب الحديث عند يحيى بن معين، وفي ((طبقات المدلسين)) ص (27) قال: ((أشار ابن أبي خيثمة عن ابن معين إلى أنه كان يدلِّس وجزم بذلك الدَّارَقُطني)). أضف إلى ذلك أنَّ في السند شريك بن عبد الله النخعي وهو ضعيف عندهم!! والحديث في البخاري (6351) ومسلم (2680) عن سيدنا أنس مرفوعاً: ((لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي)). مختصراً دون هذه الزيادة الطويلة في الدعاء. ولذلك قلنا بعدم ثبوت جملة: (وأسألك لذة النظر إلى وجهك).
(3) رواه البخاري ومسلم دون لفظ (وجه الله). ولفظه كما في البخاري (2840)
ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد: ((مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)). وأما اللفظ الذي ذكره المصنف فرواه ابن خزيمة (3/297): ((ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله ابتغاء وجه الله إلا باعد الله عن وجهه وبين النار سبعين خريفاً)). وبلفظ آخر عن أبي هريرة مرفوعاً: ((من صام يوماً ابتغاء وجه الله تعالى بَعَّدَهُ الله عز وجل من جهنم كبعد غراب طار وهو فَرْخ حتى مات هَرِماً)) رواه أحمد (2/526)، والبزار (9411)، وأبو يعلى (2/222) وغيرهم وإسناده واهٍ فيه ابن لهيعة وأبوه ورجل مجهول.
(4) صحيح. وأبو يعلى (4/413) من حديث ابن عباس. ورواه من حديث ابن عمر الطيالسي (1995)، وأحمد (2/68)، والنسائي في الكبرى (2/43)، وعبد بن حميد (1/257)، والبخاري في الأدب المفرد (216)، وأبو داود (1672)، وابن حبان (8/199)، والطبراني في الأوسط (4/221)، وقد بنى المجسمة على لفظ الوجه الوارد
في مثل هذا الحديث قصوراً وعوالي مع أنها لا تفيد ما يرومون.
(5) إسناده حسن. رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (14-15) بهذا اللفظ، ورواه أبو عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم (4/464/7350) دون لفظ (ابتغاء وجه الله) من حديث أبي هريرة نفسه، وهذا لفظه: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القائم المصلي القانت بآيات الله لا يفتر صلاة وصياماً حتى يرجع المجاهد)). وبذلك احتمل أن هذه الزيادة من تصرفات الرواة وزياداتهم.
(6) رواه البخاري (3405)، ومسلم (1062) من حديث ابن مسعود، والرجل كما في رواية البخاري (6933) وغيره هو: (عبدالله بن ذي الخويصرة التميمي). وراجع الحديث
رقم (17) في كتاب "العلو" للذهبي بتعليق العبد الفقير.
(7) صحيح. رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (17)، وفي صحيحه (924)، وابن
ماجه (1023)، وذكره بنحوه العراقي في "طرح التثريب" (2/382): رواه القاضي إسماعيل بإسناد صحيح. ولفظه في صحيح البخاري (406) ومسلم (547) عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَلَ وجهه فإن الله قِبَلَ وجهه إذا صلى)). فمما تقدَّم احتمل أن يكون حديث سيدنا حذيفة من تصرّفات الرواة.
(8) هذا من الإسرائيليات ولا يصح رفعه. رواه مرفوعاً ابن خزيمة في التوحيد (19) وفي صحيحه (3/195)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/282)، والطيالسي في مسنده (1244)، ومتنه شاهد على أنه من الإسرائيليات ورواته شاميون زيد وممطور الحبشيان.
(9) لا يثبت البتة وهو غير صحيح، وقد تقدَّم، وقد رواه مسلم (181) عن سيدنا صهيب مرفوعاً، وأعلَّه الحفاظ كالترمذي والدارقطني، ولا يثبت، وقد ذكرته في كتاب الرؤية وبينت علَّته، ومن ذلك: قول الترمذي في السنن (3030) مبيناً علته: ((حديث
حماد بن سلمة هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة مرفوعاً، وروى سليمان بن المغيرة هذا الحديث عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله، ولم يذكر فيه عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم)). وقد ذكر الدَّارَقُطني هذا الحديث في كتابه ((التتبع)) ص (210) على أنه موقوف فقال: [وأخرج مسلم حديث حماد عن ثابت عن ابن أبي ليلى عن صهيب: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾ مرفوعاً. ورواه حماد بن زيد عن ثابت عن ابن أبي ليلى قوله]. أي من قول ابن أبي ليلى، وحمَّاد بن سلمة لا يقبل خبره في هذه المضائق.
(10) لا يثبت وهو من الشاذ المردود. رواه البخاري (4878) ومسلم (180)، وهو هنا في الصحيحين، وأبو بكر بن أبي موسى قال في ترجمته الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (12/42): [وأبو بكر أرضى عندهم من أبي بردة، وكان يذهب مذهب أهل الشام جاءه أبو غادية الجهني قاتل عمارة فأجلسه إلى جانبه وقال مرحباً بأخي، وقال محمد بن عبد الله بن نمير: كان أكبر من أبي بردة .. وقال عبد الله بن أحمد في العلل: قلت لأبي: فأبو بكر بن أبي موسى سمع من أبيه قال: لا، وقال ابن سعد: اسمه كنيته وكان قليل الحديث يستضعف]. وقال المزي في "تهذيب الكمال" (33/66) في ترجمة أخيه أبي بردة: [أبو بردة بن أبي موسى الأشعري اسمه الحارث ويقال عامر بن عبد الله بن قيس ويقال اسمه كنيته تابعي فقيه من أهل الكوفة وولي القضاء بها فعزله الحجاج وولى مكانه أخاه أبا بكر]. فعلى هذا أبو بكر هذا على مشرب الأمويين والظاهر أنه هو الذي أكرم أبا الغادية المبشر بالنار في الحديث الصحيح لأنه قاتل سيدنا عمار، ولذا نص ابن سعد على أنه يستضعف، والراوي عنه، وهذا الحديث رواه عنه أبو عمران الجَوْني، وأبو عمران له روايات وزيادات شاذة مثل رواية: (سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ) فقوله فيه (وأنت في صلب آدم) زيادة خالف فيها بقية الرواة وهي شاذة مردودة، وأبو عمران الجَوني يروي إسرائيليات عن نوف البكالي ابن امرأة كعب الأحبار مباشرة وعن كعب الأحبار بواسطة، ومن العجيب ما في كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/505) بإسناده عن أبي عمران الجَوْني أنه قال: [كان نوف بن امرأة كعب أحد العلماء]. وهو يهودي كذاب، قال عنه ابن عباس: (كذب عدو الله) كما في البخاري (1/218/122). ومن أمثلة ما رواه الجوني عن نوف وعن كعب ما في تفسير ابن أبي حاتم (9/2973) وتفسير ابن كثير (2/612) و(3/253)، وقال النسائي: ليس به بأس . كما في "تهذيب الكمال" (18/299). وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/346) في ترجمة أبي عمران الجوني: [سألت أبي عن أبي عمران الجوني فقال: صالح]. وهذا يشعر أنه ليس بثقة عندهما ولا يُحْتَجُّ بحديثه بل فيه كلام، خاصة عند أبي حاتم، عند من يفهم صناعة الحديث، قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/37): [وإذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار]. وجعله دون الصدوق. وقال في "الجرح" (2/431): [سمعت أبى يقول: أبو صالح باذان صالح الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به]. وقد أطلت الكلام عليه في تعليقي الأخير على كتاب "العلو" للذهبي في التعليق على النص رقم (43). وأبو بكر بن أبي موسى هو وأخوه أبو بردة ممن كان يروي الإسرائيليات، ويتعلم من ابن سلام الإسرائيلي، كما في مصنف عبد الرزاق في المصنف (8/144) بسند صحيح ولفظه: (عن أبي بُرْدَة قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلم منه..). فهما ممن يروي الإسرائيليات، ومنطق الإسرائيليات ظاهر على هذا الحديث بوضوح، وقد فصَّلْتُ الكلام عليه في كتاب الرؤية الحديث السابع هناك، وبينت علته سنداً ومتناً. ولذلك استشكل أهل العلم هذا الحديث كما في "فتح الباري" (13/433) فمن ذلك قول الحافظ هناك : [قال -الخَطَّابي-: وقد ورد ذكر الحجاب في عدة أحاديث صحيحة والله سبحانه وتعالى مُنَزَّهٌ عما يحجبه إذ الحجاب إنما يحيط بمقدار محسوس، ولكن المراد بحجابه منعه أبصار خلقه وبصائرهم ...]. قال الحافظ : [وقال النووي: أصل الحجاب المنع من الرؤية، والحجاب في حقيقة اللغة الستر، وإنما يكون في الأجسام والله سبحانه مُنَـَّزه عن ذلك، فعرف أن المراد المنع من رؤيته....].
(11) رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (23)، وفي الصحيح (1686)، وابن حبان (12/413) ولفظه (وأقرب ما تكون من ربها..) وليس فيه ذكر الوجه، والبزار (2061)، وقد رواه موقوفاً على ابن مسعود ابن أبي شيبة (7616)، والطبراني في الكبير (8/233). والحديث رواه الترمذي (1173) أيضاً بلفظ: ((المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)). دون الزيادة وقال: ((حسن غريب)). فالظاهر أن الحديث حسن فقط باللفظ الذي رواه الترمذي والزيادة من بعض الرواة، والوجه فيها بمعنى الذات إن ثبتت هذه اللفظة فيه.
أضف رد جديد

العودة إلى ”تفسير آية أو آيات كريمة“