تأويل المتشابهات من الآيات القرآنية

تفسير آية أو آيات كريمة
أضف رد جديد
الباحث المفكر
مشاركات: 108
اشترك في: الأربعاء سبتمبر 03, 2025 8:02 pm

تأويل المتشابهات من الآيات القرآنية

مشاركة بواسطة الباحث المفكر »

.
تأويل المتشابهات من الآيات القرآنية

من كتاب (تأسيس التقديس المشهور بِـ "أساس التقديس")

أما في القرآن فبيانه من وجوه:
الأول: هو أنه ورد في القرآن ذكر الوجه، وذكر العين، وذكر الجَنْب الواحد، وذكر الأيدي، وذكر الساق الواحدة. فلو أخذنا بالظاهر(*)، يلزمنا إثبات شخص له وجه واحد. وعلى ذلك الوجه أعين كثيرة. وله جنب واحد، وعليه أيد كثيرة، وله ساق واحدة. ولا نرى في الدنيا شخصاً أقبح صورة من هذه الصورة المتخيلة، ولا أعتقد أن عاقلاً يرضى بأن يصف ربه بهذه الصفة.

الثاني: أنه ورد في القرآن أنه تعالى: {نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}النور: 35 ، وأنَّ كل عاقل يعلم بالبديهية أن إله العالم ليس هو هذا الضوء المنبسط على الجدران والحيطان، وليس هو هذا النور الفائض من جرم الشمس والقمر والنار، فلا بد لكل واحد منا من أن يفسِّرَ قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}النور: 35 ، بأنه مُنَوِّرُ السَّموات والأرض، أو بأنه هادٍ لأهل السموات والأرض، أو بأنه مصلح مهمات أهل السموات والأرض. وكل ذلك تأويل.

الثالث: قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} الحديد: 25،
ومعلوم: أن الحديد ما نزل جرمه من السماء إلى الأرض. وقال: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنْ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} الزمر: 6، ومعلوم أن الأنعام ما نزلت من السماء إلى الأرض.

الرابع: قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} الحديد: 4 ، وقوله تعالى:
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ق: 16، وقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ} المجادلة: 7، وكل عاقل يعلم: أن المراد منه القرب بالعلم والقدرة الإلهية.

الخامس: قوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} العلق: 19، فإن هذا القرب ليس إلا بالطاعة والعبودية فأما القرب بالجهة فمعلوم بالضرورة أنه لا يحصل بسبب السجود.

السادس: قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} البقرة: 115، وقال
تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ} الواقعة: 85..

السابع: قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} البقرة: 245، ولا شك أنه لا بُدَّ فيه من التأويل.

الثامن: قوله تعالى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} النحل: 26، ولا بد فيه من التأويل.

التاسع: قال تعالى لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}طه: 46، وهذه المعية ليست إلا بالحفظ والعلم والرحمة. فهذه وأمثالها من الأمور التي لا بد لكل عاقل من الاعتراف بحملها على التأويل. وبالله التوفيق.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية والمراجع:
(*) لا يجوز الأخذ بالظاهر عند المنزهين والعقلاء من جميع الفرق الإسلامية، فقارن ما بين هذا وما يقوله الأشعري في ((الإبانة)) حيث يقول: [وجب أن يُرْجَع من قوله أيدي إلى يدين؛ لأن القرآن على ظاهره، ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة، فإن وجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر، ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجّة]. ثم قال الأشعري: [كذلك قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}ص:75، على ظاهره أو حقيقته من إثبات اليدين، ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة]. وقال بعد ذلك: [بل واجب أن يكون قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}ص:75، إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة]!!! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً! وقد أطلت الكلام على عقيدة التفويض وعلى اعتقاد ظواهر النصوص في الصفات في شرحي على "جوهرة التوحيد" (1/425-521) وفي مقدمة التعليق على إبانة الأشعري وفي أماكن أخرى.
أضف رد جديد

العودة إلى ”تفسير آية أو آيات كريمة“